استراتيجية التعلم التعاوني ا.د علي حميد معاد

    أسهمت النظرية البنائية في تقديم عدد كبير من إستراتيجيات التدريس الحديثة المتمركزة حول المتعلم ( اي ان المتعلم هنا نشط ). أي أن النظرية البنائية نقلت الاهتمام إلى المتعلم فهو وفقا لهذه النظرية يبني معرفته بنفسه .

 كما نقلت الإهتمام من التركيز على تاثير الظروف الفيزيقية المحيطة بالمتعلم في بيئة التعلم الى الاهتمام بدراسة كيفية حدوث عملية التعلم وكيف يبني المتعلم المعرفة وينظمها في الدماغ او ما أطلق عليه بالبنية المعرفية.

مفهوم العمل التعاوني أو العمل الجماعي :  يعد مفهوم العمل التعاوني أو الجماعي من المفاهيم الأساسية التي يتطلب إحاطة المعلم بها والتعرف عليها لكي تتضح لديه الصورة حول استراتيجية التعلم التعاوني وسنتناول هذه المفهوم فيما يأتي :

 العمل التعاوني أو الجماعي. هو عمل مجموعة من الأشخاص بشكل مشترك من أجل انجاز مهمة ما , تتطلب التعاون بما يحقق النفع والفائدة للفرد والمجتمع ومن الأمثلة عليه  تقديم الخدمات للآخرين ممن يحتاجون إلى مساعدة ما.

اهمية وفوائد العمل الجماعي او التعاوني:

- العمل التعاوني من الامور التي رغب فيها ديننا الإسلامي, يقول تعالى في كتابه العزيز: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير) كما رغب فيه رسولنا الكريم في العديد من الأحاديث . 

- العمل التعاوني يسهم في تلاقح الأفكار ، ويعمل على زيادة الود والتراحم بين اعضاء الفريق الواحد.

 - العمل التعاوني مدعاة إلى حدوث التكامل والتعاون على مستوى الأفراد وهذه الميزة تم توظيفها في مجال التعليم من خلال تطبيق إستراتيجية اطلق عليها استراتيجية التعلم التعاوني.

- يساعد على زيادة إتقان العمل ، فعندما تتوزع المهام ، ويقوم كل شخص بمهمته فقط، يزداد التركيز لدى أفراد الفريق ، ويصبحون أقدر على إخراج مخرجات أفضل .

- يسهل من عملية حل المشكلات من خلال وجود العديد من الآراء التي تعمل على تجاوز أية مشكلة قد تعترض طريق الفريق .

- ينمي قدرات الأفراد الشخصية، ويساعدهم على التطور والازدهار في مجالات عملهم، ويكسبهم خبرات حياتية متنوعة .

- يختصر الوقت بشكل كبير، ويزيد من كمية الإنتاج .

* عوامل نجاح  العمل تعاوني او الجماعي : 

     يتطلب نجاح العمل الجماعي أو التعاوني توفر عدد من العوامل أهمها : 

▪ انفتاح أعضاء الفريق على بعضهم البعض، وقدرتهم على تفهم عقلياتهم ، وظروفهم ، وشخصياتهم .

 ▪ اختيار قائد للفريق يتمتع ببعد النظر، والقدرة على التخطيط. وإدراك أهمية التشاور مع باقي الأعضاء بهدف الوصول إلى الرأي الأصوب .

▪ تقسيم الأدوار فيما بين أعضاء الفريق الواحد ، وإلتزام كل منهم بالدور المناط به و أن يتمتع كل عضو من أعضاء الفريق بالقدرة على التعامل مع الآخرين ، وادراك أهمية العمل التعاوني.

             🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆

 استراتيجية التعلم التعاوني : 

     تم توظيف فكرة العمل الجماعي او التعاوني في مجال التعليم وهذا أدى الى وضع المتعلم في موضع الباحث والمشارك و القائد و المحاور واهم من ذلك كله باستخدام  استراتيجية التعلم التعاوني أصبح المتعلم نشط. إلا أنه يمكن التفريق بين العمل التعاوني أو الجماعي في عدد من النقاط يمكن تناولها فيما يلي : 

1-  يركز التعلم التعاوني بدرجة أكبر على تجربة التعلم للمشاركين في مجموعة التعلم التعاوني من التلاميذ, في حين يعطي العمل الجماعي الاهتمام لإنجاز المهمة.

2- في التعلم التعاوني، يتم التخطيط مسبقا للعمل ويتم تشكيل المجموعات بعناية على عكس العمل الجماعي.

3- في العمل الجماعي القائد هو المسؤول عن تنظيم العمل ومتابعة مدى ما تحقق من اهداف وللقائد في مجموعة التعلم التعاوني أدوار متعددة تتشابه مع أدوار القائد في العمل الجماعي, إلا ان التعلم التعاوني يعزز المساءلة الفردية فكل فرد يتحمل المسئولية تجاه مجموعته.

4-  العمل الجماعي قد يتسم بالمنافسة في حين يعزز التعلم التعاوني تكافؤ فرص التعلم للمشاركين.

5-  مجموعة التعلم التعاوني تتكون من عدد من الأفراد يتباينون في السمات والقدرات والمهارات, في حين أن مجموعة العمل الجماعي غالبا ما تضم مجموعة من الأفراد ذوي قدرات متماثلة.

6 - في مجموعات التعلم التعاوني يتولى كل عضو اداء دور معين لكن تلك الأدوار لا تبقى ثابتة , إذ لابد من اعادة توزيع الأدوار على أعضاء المجموعة بما في ذلك دور القائد , في حين أن القائد في مجموعة العمل الجماعي غالبا ما يتم تعيينه وفقا لشروط معينة تضمن انجاز العمل بالشكل المرجو. 

    🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆

 التعلم التعاوني : 

     يعرف التعلم التعاوني بأنه: أسلوب تعلم يتم فيه تقسيم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة غير متجانسة ( ذوي مستويات معرفية مختلفة) ، بحيث يتراوح عدد أفراد كل مجموعة ما بين 4 – 6 أفراد ، ويتعاون أفراد المجموعة الواحدة في تحقيق هدف أو أهداف مشتركة .   

     ويمكن تعريف استراتيجية التعلم التعاوني بانها : استراتيجية تدريس تتضمن وجود مجموعة صغيرة غير متجانسة من المتعلمين بين (4 - 6) طلاب يعملون سويا لانجاز مهمة تعليمية وبما يسهم في تطوير خبراتهم او اكتساب خبرات تعليمية الى اقصى حد تسمح به قدرات كل عضو في المجموعة . 

       🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆

مميــــــزات التعــــلم التعاونــــي : 

    يسهم التعلم التعاوني في تحقيق العديد من المزايا أهمها :-

1- زيادة عملية التحصيل الدراسي.

2- التذكر لفترة طويلة.

3- الاخذ بوجهات نظر الاخرين.

4- زيادة الدافعية للتعلم.

5- تدعيم العلاقات الاجتماعية بين الطلاب.

         🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆

 أهــداف وفوائـــــد التعلم التعاوني :-

   يحقق التعلم التعاوني العديد من الأهداف التي قد لا يمكن تحقيقها باتباع طرائق التدريس التقليدية وأهمها_ :

📌 إكساب المتعلمين روح التعاون.

📌 تطوير مهارات المتعلمين ومستوى تحصيلهم. 

📌تعويد المتعلمين على تحمل المسئولية واتخاذ القرار. 

📌 تنمية مهارات المتعلمين في  النقاش والبحث والحوار الهادف. 

📌 تعويد المتعلمين على اساليب وطرق التعامل وحسن التصرف مع الاخرين.

📌 تنمية مهارات فن الإستماع والتحدث لدى المتعلمين. 

📌 إتاحة الفرصة امام المتعلمين لإبراز مواهبهم و اتجاهاتهم وقدراتهم العقلية.

📌 يتيح للمتعلمين فرصة تطبيق ما يتعلمونه في مواقف جديدة. 

📌 ينمي لدى المتعلم مهارات حل المشكلات ويطور قدراتهم الإبداعية.

📌 يزيد من الدافعية الداخلية لدى المتعلم.

 📌 يقلل من التعصب للرأي والذاتية ويسهم في تقبل الاختلافات بين الافراد.

 كما يحقق التعلم التعاوني فوائد أخرى تتعلق بالمتعلمين يمكن إجمالها في النقاط التالية : - 

⭕  المجموعات الصفية توفر آليات التواصل الاجتماعي ، وتسمح بتبادل الأفكار وتوجيه الأسئلة بشكل حر، وشرح الفرد للآخر، ومساعدة الغير في فهم الأفكار بشكل له معنى.

⭕ يسمح باعطاء الفرصة لجميع الطلبة بأن يشعروا بالنجاح.

 ⭕ يتيح مجال لإستعراض وجهات نظر مختلفة حول موضوع معين أو طريقة حل مشكلة معينة.

 ⭕ يراعي الفروق الفردية بين المتعلمين في الاستعدادات والاتجاهات و الدافعية القدرات و الاهتمامات و الخلفيات الثقافية، ومن الجدير بالذكر هنا أن اتباع أسلوب التعلم التعاوني لا يزيل هذه الفروق وإنما يعالجها ويقلل منها.

 ⭕ يسهم في خلق جو وجداني إيجابي، خاصة للطلبة الخجولين الذين لا يرغبون في المشاركة أمام الصف.

⭕ يساعد في تطوير مهارات التعاون والمهارات الاجتماعية، الأمر الذي يهيئ الطلبة للعمل في أطر تعاونية في عدة وظائف في حياتهم المستقبلية.

⭕ يوفر فرصة طلب الطالب للمساعدة من أفراد المجموعة أو من المعلم في أي وقت يحتاج لها.

⭕ يخفف من الجو السلطوي في الصف والذي يخلق جو من القلق ، والتحول إلى جو ودي.

         🔆🔆🔆🔆🔆🔆🔆

مفاهيم اساسية ذات صلة باستراتيجية التعلم التعاوني:  تتضمن استراتيجية التعلم التعاوني عددا من المفاهيم الأساسية التي ينبغي على المعلم فهها جيدا قبل الشروع في التدريس بهذه الاستراتيجية , ومن أهم المفاهيم اللازم على المعلم الإلمام بها التالي :

💢 مفهوم تشكــــيل المجــموعات : و يقصد به تقسيم او توزيع الطلبة إلى عدد من المجموعات تضم كل مجموعة ما بين (4 - 6) طلاب غير متجانسين - مختلفين-  في مستوى التحصيل و المهارات والقدرات بحسب طبيعة المهام التي يتناولها الدرس.
    ويعد شكيل المجموعات على قدر كبير من الأهمية لنجاح التدريس بهذه الاستراتيجيةحيث يعد تشكيل المجموعات من المهام الأساسية التي تتطلبها عملية تنظيم البيئة الصفية في التعلم التعاوني , إذ ينبغي على المعلم توزيع الطلبة إلى عدة مجموعات صغيرة,  تضم كل مجموعة أفراد مختلفين في مستوى التحصيل و مستوى المهارة الاكاديمية , و يفضل أن يقوم المعلم بنفسه بتشكيل المجموعات اان الاعتماد على الطلبة قد يؤدي إلى تكوين مجموعات غير فعالة قائمة على الصداقة أو الزمالة بينما المجموعات التي يشكلها المعلم تركز على تنمية التفاعل والنقاش وطرح الأسئلة بين أفراد المجموعة الواحدة وتقلل من مشكلات الانضباط داخل كل مجموعة. وعلى الرغم من ذلك فأنه يمكن اعطاء دور للطلبة في المشاركة في اختيار أعضاء مجموعاتهم . ومن هنا فان للعملية التنظيمية دور مهم في نجاح سير الدرس وإضفاء الايجابية على العلاقة بين المعلم والطلاب من جهة وعلى علاقات الطلاب فيما بينهم من جهة أخرى.    

* كيف تشكيل المجموعات التعاونية ؟ وكم ينبغي أن يكون حجم كل مجموعة ؟  يتوقف عدد المشاركين في كل مجموعة على عدة عوامل ومن أهمها: مستوى نضج الطلاب ، وحجم الصف ، ونوع النشاط ، أو المهمة التعليمية المطلوب تنفيذها. و يمكن ان تتكون المجموعات في التعلم التعاوني  من طالبين  إلى أربعة إلى ستة طلاب ، ولكل حجم مزايا وخصائص. فعندما تكون المجموعه قليلة العدد ( 2- 3 ) طلاب تسهل ادارتها ويزداد مستوى الأداء فيها. أما عندما تكون الأعمال كبيرة فمن الأفضل أن يكون حجم المجموعة كبيراً ليصل إلى ستة طلاب ولهذا عدة مزايا اهمها :  توفير فرص الاستفادة من مهارات ومعارف أفراد المجموعة, وتقليل عدد المجموعات التي يشرف عليها  المعلم.

💢 مفهوم المهام أو المهمة التعليمية :  يقصد بها المهام التعليمية التي ينبغي تنفيذها وقد تكون انشطة أكاديمية او مهام تتطلب البحث او إجراء التجارب أو مناقشة مشكلات متنوعة.

💢 مفهوم المجمـــوعات الأم :

 هي المجموعات الأساسية التي يقوم المعلم بتشكيلها من طلاب الصف, بحيث تضم كل مجموعة طلابا ذوي مستويات تحصيل غير متجانسة, وقد تبقى هذه المجموعات ثابتة خلال الفصل الدراسي, وقد يعاد تشكيلها بين فترة وأخرى لهدف تحقيق التواصل بين الطلاب و زملائهم في الصف. وهذه المجموعات غالباً ما تشكل منها مجموعات التعلم التعاوني باسلوب الخبراء وأسلوب المجموعات المجزئة.

💢 مفهوم  مجموعــات التعلم التعاوني الجمعــي : هي نفس المجموعات الأم التي تم تشكيلها , إلا انه فيها يتم تعلم أعضاء المجموعات الأم معا - يطلق عليها مجموعات التعلم معا - وفي هذا النوع تقسم المهام بين طلاب المجموعة ويقوم كل واحد منهم بتنفيذ مهمة معينة بالتعاون مع زملائه في المجموعة من خلال النقاش والحوار.

💢 مفهوم مجموعــات الخبـــراء : 

هي مجموعات يتم تشكيلها من المجموعات الأم بحيث يكلف كل طالب في المجموعة بمهمة من مهام الدرس - توزع المهام بعدد أفراد المجموعة - وعند تنفيذ الدرس يتم تشكيل هذه المجموعات والتي تسمى مجموعات الخبراء , بحيث تضم الطلاب المكلفين بنفس المهمة من جميع المجموعات, وهؤلاء الطلاب يجتمعون لتدارس المهمة , ثم يعود كل طالب إلى مجموعته الأم ويعلم مجموعته المهمة التي ناقشها في مجموعة الخبراء.

💢 مفهوم المجموعـــات المجزئة : هي مجموعات يتم تشكيلها من المجموعة الأم بحيث يقسم طلاب كل مجموعة من المجموعات الأم إلى مجموعات ثنائية - تضم كل مجموعة  طالبين- يقومان بتعلم مهمة معينة معا , ويقوم الطالبان الاخران - المجموعة الثنائية الاخرى - بتعلم مهمة أخرى تختلف عن المهمة التي كلفت بها المجموعة الاولى, ثم يجتمع كل طالب من المجموعة الثنائية الاولى بطالب من  المجموعة الثنائية الثانية ويعلم كل واحد منهما الأخر المهمة التي تعلمها.

     🔆🔆🔆🔆🔆🔆
يمكنك استكمال الموضوع بالاطلاع على  استراتيجية التعلم التعاوني (2 ) في هذه المدونة .